|

من هجرة العقول الى هجرة الجيوب - للكاتب رسلان عيسى


ساهمت العوامل الاقتصادية المتدهورة في بعض بلدان العالم إضافة إلى الكوارث الطبيعية وتبدل الأحوال المناخية والتصحر والعديد من العوامل الأخرى السياسية والاجتماعية,لازدياد الجوع والفقر في العالم الثالث زيادة عن باقي الدول المتقدمة والتي تعيش على هياكل اقتصادية قوية يمكن أن تتأثر بالانهيار الاقتصادي ولكن لديها من المقاومة ما يمنعها من عدم الوقوع أو ما يسمى بالدول النامية ونظراً لعدم إمكانية الدول الفقيرة المنهكة اجتماعياً المنهارة اقتصادياً المتلفة سياسياً من تأمين ما يسد حاجة المواطن من أبسط متطلبات الحياة فكان لابد من أن يتجه نظر المواطن- الذي وجد أن الحياة في بلاده تعادل الموت بل أن هذا الأخير فيه ما يسد رمق الفقراء أكثر من حياتهم أو على الأقل هذا ما يشعرون به- إلى الهجرة والبحث عن بلاد تؤمن له مورد رزق مع كفاءته البسيطة (عامل) ولكن يمكن للقوة الشرائية لعملة البلدان المرغوب الهجرة إليها أن تمنحه سعة من العيش مع فارق العملة وقوتها ,ولأن المواطن فقير وبسيط ولا يمكنه تحمل نفقات السفر وقيمة الفيزا والتأشيرة وثمن بطاقة ركوب الطائرة و.. و...و....وسيترك لعائلته ما يتعيشون منه إذا تم القدر وأذن له بالسفر, فتصل به القناعة مرغماً على واقع لا مفر منه بالهجرة غير الشرعية وهنا تحلو اللعبة حيث وصل إلى تجار البشر وسماسرة الموت حيث آخر ما يملكونه هو الضمير إنهم من المافيا المتخصصة بهذا الشأن مع حماية من بعض النفوذ, حيث يمكن أن تنمو ثروات هذا النفوذ بأقل التكاليف لأن التجارة بشرية في زمن أضحى لاقيمة للإنسان فيه, فيتعمدونه بالسفر فنفقات الهجرة بسيطة ولكنها لاتخلو من بعض المخاطر التي قد تصل إلى حد الموت وعلى مسؤولية المهاجر حصراً حيث أن وسائل السفر غير مجهزة لمثل الغاية المعدة لها, ففي البحر المركب يتسع لأكثر من خمسون شخصاً علماً أنه معد أساساً للصيد الفردي ولا يحتمل خوض المسافات البعيدة وهو يخلو من وسائل النجاة , وفي البر حيث على المهاجر أن يقطع مسافات شاسعة عبر الغابات أو الصحارى بعيداً عن أعين سلطات الحدود بين الدول ونسبة الأمل في الوصول إلى جهة المقصد ضئيلة وهناك الكثيرون ممن قضوا عطشاً وجوعاً والتهمته الضواري وكانت نهايته مؤلمة وعائلته بانتظار أن يرن جرس الهاتف ليزف بشرى الوصول ,ولكن لاخبر فقد كتب مع اسمه فقير..فقير.
هذا الحال يذكرني بالشاعر ابن زريق البغدادي عندما ارتحل من العراق قاصداً بلاد الأندلس عله يجد فيها من لين العيش وسعة الرزق ما يعوضه عن فقره حتى قضى نحبه ولم يجد السعة التي أراد نيلها وترك في بغداد زوجته وأولاده ,حيث قال:
إن الزمان أراه في الرحيل غنىً
ولو إلى السدِّ أضحى وهو يزمعه
وما مجاهدة الإنسان توصله
رزقاً , ولا دعة الإنسان تقطعه
قد وزع الله بين الخلق رزقهمو
لم يخلق الله من خلق يضيعه
لكنهم كلفوا حرصاً, فلست ترى
مسترزقاً ,وسوى الغايات تقنعه
والحرص في الرزق-والأرزاق قد قسمت-
بغي , ألا إن بغي المرء يصرعه
والدهر يعطي الفتى- من حيث يمنعه
إرثاً,ويمنعه من حيث يطمعه

المشاهدات: ..
الناشر Unknown on 7:00 ص. تابع قسم . الموضوع يعبّر عن رأي كاتبه لمراسلتنا، اضغط هنا.

0 التعليقات على "من هجرة العقول الى هجرة الجيوب - للكاتب رسلان عيسى"

علّق على الموضوع

أحدث التعليقات

أحدث المواضيع