العزوف عن الزواج - موضوع للاستاذ رسلان عيسى
يعاني المجتمع العربي من مشكلة هامة وخطيرة ألا وهي عزوف الشباب عن الزواج , وهذه المسألة أصبحت شبه شائعة في مجتمعنا وأسبابها كثيرة ويمكن تحديد أهمها:
مشاكل اقتصادية :وذلك بسبب ضعف الدخل الشهري للشاب الذي يحاول رسم طريقه لتكوين أسرة وهو في بداية مشواره حيث الإمكانيات بسيطة ونفقات الزواج أعظم من أن يتحملها بمفرده خاصة إن لم يكن له معيناً من ذويه وتشكيل هذه الخلية الاجتماعية يتطلب , تأمين منزل ومبلغ المهر الذي غالباً ما يكون مبالغاً فيه من قبل أهل الزوجة انطلاقاً من حرصهم على تأمين مستقبل ابنتهم فإذا تمت الخطبة (ألف مبروك) فيلجأ الشاب وتحت وطأة الزواج للاقتراض من الأصدقاء واللجوء إلى البنوك والفوائد, ثم إذا تم الزفاف يبدأ الزوج الباحث عن السعادة من هذا الزواج بسداد ديونه ودفع الأقساط فينتقل لمواجهة مشكلة عدم القدرة على تأمين متطلبات عيشه اليومي ومل ترتب عليه من ديون أو قروض,هذه الحالة تخلق له جواً غير صحي في علاقته مع زوجته إن لم نقل وأهلها فالأجواء متوترة دائماً,لا هدوء لا سعادة تفكير مشغول إذاً العلاقة على أبواب الفشل فيحاسب الشاب نفسه قبل أن يحاسب ويقرر عدم الدخول في هذه المخاضة التي لا تحمد عقباها ويعزف عن الفكرة إذاً لا زواج ولا أسرة .
مشاكل الانحراف: كثيرون من شبابنا أصبحوا نتيجة للعجز وعدم قدرتهم على الزواج مع وجود الكم الهائل من عروض الانحراف في مجتمعنا ولا داعي لتسميتها لأنها أصبحت شائعة ومعروفة فيضطر الشباب للجوء إلى هذه الأساليب المحرمة ليفرغ فيها حاجته وبالطبع فهي أقل كلفة من الزواج.
المبالغة في المهر:ما أن يُقرع باب أهل الفتاة طلباً لخطبتها حتى تتخبط الدنيا بهم وتبدأ الطلبات من كل فج عميق وبدايتها في المهر حيث يباشر أهل الخطيبة فرض شروطهم ويطلبون المهر العالي وكأن( سلطان بروناي) هو الخاطب ولأن الشاب عندما يقُدم على الخطبة لا يعرف أصلاً ما سيحل به وهو يتقدم خطوة إلى الأمام وعشرة خطوات إلى الوراء لأنه يعرف في قرارة نفسه أنه سيخوض في المجهول وإمكانياته المادية لا تخوله مثل هذا الخوض ولا قدر الله ولم يحصل التوافق فيخسر ما جناه بلمح البصر لتصفية حقوق الخطيبة فالحل الأمثل أن يعزف عن الزواج .
مشاكل اجتماعية نفسية :كان أجدادنا الأوائل يقولون:(أعطي البنت للشب وخلي الرزق على الرب ) في يومنا هذا الغني لا يزوج ابنته إلا لمن هو في طبقته ومن مستواه المادي وليس الأخلاقي والديني فلا يرضى بمن هو دونه مادياً ولو كان ابن من كان ومهما كانت صفاته حميدة .
صاحب الدخل المتوسط لا يزوج ابنته لفقير ولو كان أفضل منه ومن عائلته خلقاً وأخلاقاً يريد لابنته أن تعيش بسعادة ولكن مع شخص غني وينتظر طويلاً حتى تصاب ابنته بالعنوسة.
الفقير لا يزوج ابنته لفقير على أمل أن يتقدم لها شاب أفضل منه حالاً وتعيش حياة أفضل مما عاشت عنده وفي كنفه وقد يطول انتظاره وهنا من يقرع الباب فهو الصهر المنتظر خشية من أن تلحق العنوسة بابنته وهذا ينطبق على من قبله والنتائج مجهولة فهذا الزوج أصبح تيسير لأمر الزواج وليس لأنه الاختيار الأفضل.
نتيجة لما سلف ذكره فالمجتمع يصاب بالعنوسة لكلا الجنسين ,وهذا الأمر يولد انفلاتاً أخلاقياً في المجتمع شئنا أم أبينا ويصبح مجتمعنا ضعيفاً لقلة حالات الزواج وعدم إنجاب الأطفال , وكثرة حالات الطلاق وما يتبعه من ضياع وتشرد للأطفال واستيعاب الشوارع لهم وما تحمله من سلبيات, لأننا نسير على غير النهج الذي رسمه الشرع الحنيف , قال تعالى): وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ,إ ن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم).
وقال الرسول (ص) ....(( ياأيها الذين آمنوا إذا آتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه فإن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير))
فلنتقي الله في أبنائنا وبناتنا فسنسأل عما كنا فاعلين.........
المشاهدات:
..